التفوق الدراسي

بقلم: علياء سلطان


مع  اقتراب الامتحانات النهائية للطلبة الجامعيين أتت فكرة تقديم ورشة عمل بعنوان ( التفوق الدراسي) وخلال هذا المقال سأتناول خلاصة هذه الورشة وكيف يستطيع الطالب المذاكرة بأعلى ذكاء وبأقل مجهود؟!
أولا: اكتشف نمطك الخاص في التعلم ومن ثم اتبع الأساليب المناسبة له في التعلم:
أنماط التعلم حسب نموذج (VARK)
- نمط التعلم البصري Visual
يعتمد فيه المتعلم في هذا النمط على الإدراك البصري والذاكرة البصرية حيث يتعلم الطالب على نحو أفضل من خلال رؤية المادة التعليمية، ومن الأساليب المناسبة لهذا النمط: إعداد الرسوم البيانية والمخططات والأشكال، وتصميم الصور والانفوجرافيك الجذابة، والخرائط الذهنية، وتمارين التصور الذهنية، ومقاطع الفيديو.
-نمط التعلم السمعي Aural
يعتمد المتعلم في هذا النمط على الإدراك السمعي والذاكرة السمعية ويتعلم من خلال سماع المادة التعليمية ومن الممارسات الشفوية والسمعية، ومن الأساليب المناسبة لهذا النمط: الحوار والمناقشة، والشرح للآخرين والاستماع للشرح، و الاستماع عوضا عن القراءة، سرد قصة، و لعب الأدوار.
-نمط التعلم القراءة/ الكتابة Read/Write
يعتمد المتعلم على إدراك الأفكار والمعاني المقروءة والمكتوبة، ويتعلم على نحو أفضل من خلال قراءة الأفكار والمعاني، أو كتابتها، ومن الأساليب المناسبة لهذا النمط: كتابة التقارير التلخيصات، الاستعانة بالكتب والمراجع والقواميس والمقالات، إعداد المخططات والرسوم البيانية، وإعداد البحوث.
-نمط التعلم الحركي Kinesthetic
يعتمد المتعلم في هذا النمط على الإدراك اللمسي لتعلم الأفكار والمعاني ويتعلم على نحو أفضل من خلال العمل اليدوي باستخدام جميع الحواس بالتعلم، ومن الأساليب المناسبة لهذا النمط: التجربة، وعمل نماذج ومجسمات توضح المفاهيم، والتعلم باللعب، لعب الأدوار، التطبيق على الكمبيوتر والوسائط المتعددة وألعاب المحاكاة، و تصميم صور الإنفوجرافيك.
بإمكانك التعرف على نمطك وذلك بإجراء مقياس VARK
 بإمكانك اختيار أكثر من اجابة ومن الطبيعي أيضا أن يكون لك أكثر من نمط تعلم حيث أن النمط الذي يمتلك أعلى نقاط يعتبر نمطك الخاص مثلا:
V=12
A=11
R=5
K=1
هذا يعني أن صاحب هذه النتائج نمط التعلم الخاص به هو (V,K) البصري والحركي.
إليك الرابط التالي حان الوقت لتتعرف على نمطك الخاص في التعلم:
https://vark-learn.com/%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%a8%d9%8a%d8%a7%d9%86-%d9%81%d8%a7%d8%b1%d9%83/
بعد التعرف على نمطك الخاص قم باستخدام أساليب التعلم الخاصة به لتصبح المذاكرة أكثر سهولة ومتعة.

ثانيا: تعرف على مكامن عقلك واستعملها للتفوق.
-وفر نظام دعم خارجي اجباري واستعمل التوكيدات الإيجابية.
قف للحظات وتأمل معي هذه الآية جيدا لقوله تعالى: {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}.
إن توفير نظام الدعم الخارجي جدا رائع لإرغام عقولنا عند تقاعسها بالالتزام ومعاودة العمل قد يكون هذا النظام الداعم زميل أو مدرس خصوصي أو مستشار أو أحد أفراد العائلة إن لم تستطع توفير نظام الدعم هذا بإمكانك إدخال توكيدات ايجابية على يومك مثلا:
أنا طالب مجتهد، أنا استمتع بالمذاكرة، أنا أحفظ وأفهم بسهولة مع التكرار المستمر لهذه التوكيدات لأكثر من مرة في يومك فعند تكاسلك عن مذاكرة مادة ما يذكرك عقلك الباطن بأنك طالب مجتهد والطالب المجتهد لا يتكاسل عن المذاكرة أبدا.
- تكرار القراءة بمعدل أربع مرات أو أكثر لفترات متباعدة
عقولنا تحفظ ما يتكرر بكل بساطة هذه طريقة حفظ العقل في المذاكرة لذلك حاول ترتيب جدول زمني للقراءة وركز هنا في كلمة -قراءة- اقرأ كأنك تقرأ رواية ما أو مقالة ما... لا تكرر القراءة في أوقات متقاربة جدا كثواني ودقائق بهذه الطريقة لن تحقق الفائدة المطلوبة مثلا: اقرأ الدرس بعد شرحه مباشرة مرة واحدة وعند نهاية الاسبوع مرة وعند اقتراب الامتحان مرة وليلة الامتحان مرة وقبل الامتحان بساعتين مرة واحدة.
- حضور ذهني كامل أثناء المذاكرة
في إحدى المرات كنت جالسة بجانب احدى زميلاتي قبل الامتحان لمادة ما بساعتين تقريبا
وقد قالت لي أنها قد ضلت تحفظ هذه المادة لأسبوعين متواصلين وحتى الآن لا تشعر بأنها حفظتها جيدا.. تعجبت من قضائها هذا الوقت كله على هذه المادة فأنا فعلا جزأتها لثلاث أيام واكتفيت بذلك.. ثم بدأت كلا منا بالتركيز في كتابها والمراجعة قبل الامتحان  لاحظت أن زميلتي كانت تقف للحظات وتحدثني عن موقف ما  أو تسألني عن شيء آخر بعيد تماما عن المادة التي نراجعها ومن هنا فهمت أنها تكرر الحفظ بدون وعي فوعيها وتركيزها مع المواقف التي كانت تتوقف وتكلمني عنها وقد كانت النتيجة مثلما توقعت لقد أخذت درجة أعلى منها بالرغم من أنها قضت وقت أكبر في المذاكرة؟!
السر ليس في مدى الوقت الذي تقضيه في المذاكرة بل في جودة الوقت الذي تقضية لذلك عند المذاكرة كن واعي لكل كلمة تقرأها ليصحب المذاكرة حضور ذهني كامل.
- فترات راحة
إن وجود فترات راحة أثناء المذاكرة ضروري جدا لاستعادة النشاط  والتركيز بالنسبة لوقت فترة الراحة يفضل حسب ما تقول الدراسات كل ثلث ساعة أو كل 25 دقيقة استراحة لمدة 5 دقائق، ولكن البعض خلال هذا الوقت يكون بدأ في التركيز والتعمق عند الدقيقة ال20   لذلك لا تناسب هذه الطريقة الجميع من الممكن أخذ راحة 10 دقائق مع كل 50   دقيقة مذاكرة وبعد ساعتين استراحة نصف ساعة في كلا الطريقتين.
-رتب أولوياتك ودون مهامك.
 ترتيب الأولويات من الاهم إلى الأقل أهمية تدوين المهام اليومية يزيد من نسبة تركيزك وعدم التشتت.
-حاول ربط المفاهيم ببعضها قدر المستطاع أو ربطها بشيء لن تنساه.
المقصود هنا بالربط هو ربطك الخاص ليس هناك طريقة محددة عليك اتباعها اربط المعلومات بما تراه مناسب لك لكي تتأكد من عدم نسيانها مثلا:
لقد عجزت في تكرار حفظ  اسم مركب كيميائي مرارا وتكرارا وهو -الببسين - وعندما ربطته بكلمة -ببسي - لم استطع نسيانه أبدا.
-اعقد المقارنات بين المعلومات المتشابهة.
إن أكثر ما يعقد الطالب ويجعله ينسى المعلومات هو تشابهها وتداخل الدروس في بعضها لذلك قم بعمل جدول مقارنة الدروس المتشابهة ولخص فيها أبرز الاختلافات لكل درس.
-استغل 10 دقائق قبل النوم الاستغلال الأمثل
راجع ما حفظته قبل النوم فتلك المعلومات ستظل تتكرر في عقلك طيلة وقت نومك بالتالي يصعب نسيانها.
-غير مكانك كل فترة
إن بدت لك غرفة المذاكرة غرفة مزعجه يصحبها الكثير من الافكار السلبية فينصح هنا بتغيير مكانك كل فترة ولكن حاول أن يكون المكان خالي من المشتتات قدر الإمكان.

لا فائدة من هذه المكامن إن لم
-تنم بشكل كافي: خلال النوم تتجمع المعلومات وترتبط ببعضها لذلك لابد من أخذ فترة جيدة من النوم من 7  ساعات حتى 9 ساعات يوميا.
-تمارس الرياضة: الرياضة تزيد من نسبة تركيزك ثلاث أضعاف لذلك قم بعمل أي رياضة يوميا حتى لو كان ذلك المشي لمدة 10  دقائق.
-تتناول غذاء صحي: الأطعمة والمشروبات التي تساعد على زيادة التركيز وسرعة حفظ المعلومات هي تلك التي تحتوي على اوميجا3 وعلى مضادات الاكسدة مثل: الجوز، والأسماك الدهنية، والخضراوات الورقية الداكنة، والقهوة، والشاي الأخضر، والتوت، و الماء ، والشوكولاتة الداكنة.


ثالثا: الذكاء العاطفي.
في الذكاء العاطفي لا استطيع ضرب مثال أجمل من قصة منيرة
منيرة كانت طالبة جامعية تمر بظروف صعبة ففي تلك الفترة كانت والدتها مريضة لذلك كانت منيرة تقضي يومها من المنزل إلى الجامعة ومن ثم إلى المستشفى عائدة إلى المنزل وهكذا.. منيرة فكرة للحظات التوقف وتأجيل الترم لأنها لا تستطيع التركيز في دراستها وذلك لانشغال تفكيرها بوالدتها المريضة ولكن منيرة أوقفت تلك الافكار السلبية للحظة وقالت لنفسها والدتي تحب أن تراني ناجحة وتفخر بي إن واصلت وأخذت أعلى النتائج وفعلا تخرجت منيرة بمرتبة الشرف.
تأمل معي قصة منيرة ستلاحظ كيف حولت نقطة الضعف التي كانت تحطمها إلى نقطة قوة وذلك هو الذكاء العاطفي بعينه.
لذلك الذكاء العالي والاجتهاد وحدهما لن يضمنا للطالب أن يتفوق في دراسته و هذا ما توصل إليه بحث استرالي في سيدني الباحثون اعتمدوا على تحليل مجموعة بيانات ضخمة تتكون من أكثر 160 دراسة سابقة نشرت جميعها في الفترة ما بين 2019_1998م شملت تلك الدراسات لأكثر من  42 ألف طالب في 27 دولة ليجدوا أن الطلاب ذوي الذكاء العاطفي العالي يحققون درجات أعلى مقارنة بالطلاب الأقل قدرة في السيطرة على مشاعرهم الباحثون ارجعوا الأمر لكون الطلاب ذوي الذكاء العاطفي الأعلى بإمكانهم التحكم في المشاعر السلبية مثل القلق والملل وخيبة الأمل بالتالي لا تسبب خللا في الأداء الأكاديمي بالإضافة على قدرتهم على تكوين علاقات مع الزملاء والأصدقاء والمعلمين والاسرة وكلها مهمة للنجاح.
مفهوم الذكاء العاطفي:
هو قدرة الإنسان على فهم مشاعره وفهم مشاعر الآخرين.
لرفع الذكاء العاطفي لابد من اكتساب كفاءتين :

أولا: الكفاءة الشخصية:
وتتم عن طريق الوعي الذاتي ومن ثم إدارة الذات.
أ-الوعي الذاتي:
هو مفهوم يعبر عن قدرتك على معرفة نفسك وتحديد أنماط تفاعلك مع المواقف المختلفة.
ويكون ذلك عن طريق الآتي
- تقييمك لمشاعرك بشكل مستمر وعدم الحكم عليها.
- دون دائما أنواع المشاعر التي تمر بها خلال يومك وخلال المواقف المستمرة التي تتعرض لها.
- الميل تجاه الشقة (تصور أنك تعيش ذلك الموقف الذي يضغطك وتخيل ماذا ستكون ردة فعلك وكيف ستتصرف) سيتكون لك فهم أكبر عن مشاعرك وانفعالاتك.
ب- إدارة الذات:
وذلك يكون بالتالي:
1- التنفس
عند تعرضك لأي موقف صعب أولا خذ شهيق عميق وزفير أطول لتهدأ.
2- العد من 1-10 ومن ثم التصرف.
خلال أول عشر ثواني من بعد تعرضك لأي موقف حساس قد تقرر قرارات عاطفية لذلك عد من واحد إلى عشرة ثم ستتخذ قرارات أكثر عقلانية وترد بردود في محلها.
3- ركز على طبيعة حديثك مع نفسك لابد من أن تكون إيجابية.
توقف عن جلد الذات وحفز نفسك بالكلمات الطيبة فطبيعة حديثك مع نفسك تحدد من أنت ومن تكون.

ثانيا: الكفاءة الاجتماعية.
وهنا لا بد على الطالب المتفوق التمتع بكفاءة اجتماعية عالية حتى يستطيع الاحتكاك بزملائه ويعرف كيف يتعامل مع معلميه بالطريقة السليمة.
أ- الوعي  الاجتماعي:
1- اختر التوقيت المناسب للتحدث حينما تكون مشاعر الشخص الآخر تسمح بذلك .
2- تأمل الناس وراقب تصرفاتهم ولغة جسدهم ليتكون لديك تصور أكبر عن كيف يتعاملون مع بعضهم.
3- اتقن فن الاستماع.
ب- إدارة العلاقات:
1- كن كالكتاب المفتوح مع من تريد تقوية علاقتك معه.
2- حسن كل طريقتك في التواصل مع الآخرين ( نبرات صوتك ولغة جسدك).
3- احترم مشاعر الآخرين.

لمزيد من المعلومات بإمكانك تحميل المادة العلمية للورشة من خلال الرابط التالي
https://drive.google.com/file/d/1SsfOyqP3mq_gwm1kdKgoYAJn0omCiWrp/view?usp=sharing
بالرغم من تعلم أساليب التعلم المناسبة لنمطك و استعمال جميع مكامن القوة وإدارة مشاعرك بالطريقة السليمة إلا أن هذا كله لا يكفي لتصل إلى أعلى تفوق دراسي وهذا ما توصلت إليه بعد مقابلة مباشرة أجريتها مع طالبة حصلت على المركز الأول في تخصصها ست مرات متتالية فقد اتبعت تقريبا جميع ما تم ذكره سابقا ومثله غيرها اتبعه.. ولكن لم يصل إلى ما وصلت إليه لأن الفرق بينهم وبينها أنها اتبعت شغفها .
كل ما تم ذكره خلال هذه المقالة ليس إلا مسببات وسعي لن يكمل إلا بالتوكل على الله لذلك دائما بادر بالدعاء وذكر الله.

المراجع:
- كتاب أنماط التعلم نموذج   VARK للأستاذة نورة صالح الذويخ.
- كتاب 2.0 EMOTIONAL INTELLIGENCE